عندما بدأت تداول الفوركس منذ عقد تقريبًا، كانت فكرة أساسات التداول مشكلة عويصة تواجهني لفترة طويلة. فقد قرأت ورأيت كثير من المناظرات التي تتعلق بالمقارنة بين التحليل الأساسي والتحليل الفني. وسريعًا ما أصابتني هذه الجدالات بالحيرة. في مقالي هذا، كتبت كيف أننا لا نستطيع الاستغناء عن أي من أنواع التحليل الثلاثة، وحاجتنا لدمجها جميعًا، من أجل تحقيق أعلى ربحية. ومع ذلك، يظل من المهم تحديد درجة استخدامنا لكل نوع منها.
أما عن مدى أهمية التحليل الأساسي وهل هو حقًا مضيعة للوقت، فالإجابة تعتمد على عامل أساسي، وهو نوع التداول والأسلوب الذي تنتهجه. فقد يعتمد أحد المتداولين على التحليل الفني، بينما يعتمد آخر على التحليل العاطفي.
ما نوع المتداولين الذين يهمهم حقًا التحليل الأساسي؟ المتداول طويل المدى. وما تعريفه؟ المتداول طويل المدى هو من يدخل صفقة ويحتفظ بها لعدة أشهر أو حتى سنة أو سنتين. إذا كنت من هذا النوع من المتداولين، لا يمكننا أبدًا أن نقول أن التحليل الأساسي هو مضيعة لوقتك. أما إذا كنت مضارب أو متداول يومي، لن – أو بمعنى أدق لا يجب- أن يكون للتحليل الأساسي أهمية بالنسبة لك، مقارنة بأهميته للمتداولين طويلي المدى. على الرغم مما قيل، فهذا لا يعني أن يتجاهل المتداول اليومي العوامل الأساسية تمامًا.
جدير بالذكر أن نوع المتداول يحدد أسلوب التحليل ذا الأولوية لديه. فالمتداولون الذين يحتفظون بالصفقة لفترة طويلة يركزوا بشكل أكبر على التحليل الأساسي. أما المضارب والمتداول اليومي- يجب- أن يولي التحليل الفني اهتمامه. أما الناجحون من كلا النوعين يقروا بأهمية جميع أنواع التحليل بدرجات مختلفة.
تم استلهام هذا المقال من الشخص الذي قال أنه لاحظ أن الأحداث “عالية التأثير” على أجندة الأحداث الاقتصادية لا تترك، في معظم الحالات، تأثيرًا يُذكر على تحركات الأسعار أو تحركات السوق الهامة باتجاه واحد. أعتقد هنا أنه خلط بين أمرين؛ فتداول الأخبار والتحليل الأساسي شيئان مختلفان تمامًا. فاعتبار أن التحليل الأساسي هو مراقبة الأحداث الاقتصادية ونشر الإحصاءات الاقتصادية المتعلقة بالتداول هو خداع للذات. ولهذا تهدف تدوينتي التالية بعنوان “مقارنة بين التحليل الأساسي وتداول الأخبار”، التي أكتبها حاليًا، لتوضيح الفرق بين الاثنان.
نخلص إلى أن التحليل الأساسي ليس مضيعة للوقت، بحسب نوع التداول الذي تقوم به، وهو يستحق الاهتمام بالتأكيد إذا كنت متداول طويل المدى أو تميل للاحتفاظ بصفقاتك مفتوحة لوقت طويل. أما عني، أنا لست متداول طويل المدى؛ فأنا أحب تحركات الأسعار وأستمتع بجمع النقاط خلال تحركات السوق الصاعدة أو الهابطة، وتثيرني حالة التذبذب ؛ فدائمًا ما يوجد شيء يحتاج للفعل أو التحليل. وهذه الأشياء هي ما جعلني أحتفظ باحترافيتي في المجال. على مر السنين، تمكنت بالفعل من اكتساب مهارات التحليل الأساسي، مما أفادني بشكل كبير. بالتالي، أنصحكم بفعل المثل ولا تتجاهلوه تمامًا.